عاممقالات

محمد جرامون .. يكتب : الشريف .. والرفاق

عندما تكون الكلمة أقوى من الرصاص ما أعظمها خاتمة، وما كان لك إلا أن تكون نهاية رحلتك هكذا يا أنس يا ابن الشريف، رحلت بجسدك ولكن صوتك لا يزال يدوّى فى الأُفق، وستظل صورتك محفورة فى القلوب والعقول، كنت تحمل ميكروفونك وسط القتل والإبادة والتدمير كما يحمل المقاتل سلاحة فى المعركة، لقد كانت كلماتك وتعبيراتك وأنت تنقل الحقيقة للعالم أجمع من داخل الحدث، من أمام جثث الشهداء فى شوارع غزة الآبية، ومن داخل المستشفيات المقصوفة، وأنت تنقل للعالم الجبان المتخاذل صورة وحالة الأطفال الذين يموتون جوعاً، وأنت تقف على تلال البيوت المهدمة، وانت تنقل ألاف المشاهد المؤلمة التى تُعبر عما آل إليه الحال في غزة وآلاف اللقاءات والتصريحات والصرخات كنت شاهداً عليها ناقلاَ أميناً دون خوف أو خنوع كنت بطلاً مثل من يحملون السلاح، بل كان صوتك الحر أكثر تأثيراً وأقوي من أى سلاح.

كلماتك وصوتك الحر آرق منامهم وأشعل فى ليل الطغاة ظلامهم، حاول الصهاينة إستهدافك في منزلك ولكن كان ما زال في العمر بقيه لأنك كنت خارج منزلك فى ميدان المعركة، وقُتل والدك وأشقاؤك، وما زادك فقدانهم إلا إصراراُ وعزيمة على إستكمال النضال وكشف الحقيقة وإظهار نازية الإحتلال ودمويتهم ودناءتهم وحصارهم وتجويعهم لشعب بأكمله في جريمة لم يفعلها أى محتل فى تاريخ البشرية.

هددوك وحاولوا أكثر من مره إغتيالك ولكنك لم ترضخ ولم تستكين، وكانت رسائلك اليومية المصورة فاضحة وكاشفة لكل ما يقوم به الكيان الصهيوني المحتل الغاصب من إجرام فاق كل الحدود.

كنت تقف كالأسد فى قلب مناطق الخطر لتنقل للعالم حكاية الأرض التى تُروي بدماء أهلها ، فكان القرار الصهيوني بوجوب التخلص من صوتك الحر وإسكاته إلى الأبد، والذى يغفله هذا الكيان الغاصب إنه رغم قتل ٢٣٨ صحفيا إستشهدوا في قلب الأحداث منذ ٧ إكتوبر حتى مقتل أنس ورفاقة، سيظهر جيل يُسلم جيلا و أن صوت الحقيقة لن ينقطع وستنتقل الكاميرا والميكروفون إلى جيل جديد لا يخشى الموت، جيل يؤمن بأن الكلمة يمكن أن تكون أقوى من الرصاص وان الكلمة الحرة الصادقة تهز عروش الظالمين المحتلين.

سلام لروحك الطيبة أنت ورفاقك يا إبن الشريف و سلام لأرض طيبة طاهرة آنجبت أمثالك أنت ورفاقك.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى